فصل: إن هذا الأمر دين فانظروا عَمَّن تأخذون دينكم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثم يمضي الكاتب متحفزًا مستنفرًا إخوانه من أعداء الإسلام مستعديًا إياهم على أولياء الله قائلًا: فإذا كان منا من يعلم هذا كله ويرى مع ذلك ضررًا اجتماعيًا خطيرًا في العودة إلى الحجاب فعليه أن يضع في حسبانه- فوق كل اعتبار آخر- أن انتهاج سبيل العنف مع هؤلاء كوسيلة للحل ليس فقط من قبيل العبث إنما هو أمر يرحب به هؤلاء فما من سعادة يرونها أعظم من سعادة الاستشهاد في سبيل العقيدة. اهـ.
ويختتم مقاله مستنهضًا همم إخوانه من دعاة العري والانحلال قائلًا: ليست الحكومة وحدها المطالبة بالتصدي لتصحيح الأوضاع التي دفعت هؤلاء إلى مثل هذا الموقف والمسلك.. فالأفراد والجماعات كافة- حتى ميكانيكي السيارات الذي تحدثت عنه- مطالبون هم أيضًا بالمساهمة وهي مساهمة نوجزها في جملة واحدة: كبح جماح النفس قبل أن يأتي اليوم الذي يذهب بنفوسهم انتهى كلامه عليه من الله ما يستحقه ونحن لا نملك إلا أن نقول له: اخسأ فلن تعدو قدرك هذه نفثة مقهور وأنه معثور.
{موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور} آل عمران (119).
ولتكونن عودة الحجاب شجى في حلقك وقذى في عينك وريبة في قلبك إلى أن يقطع الله دابرك وصدق الله العظيم:
{إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار} غافر (51- 52).
فاللهم وعدك الذي وعدت به عبادك المؤمنين.
{ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون} (الصافات 171- 173).
{إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز} المجادلة (20- 21).
لقد هذا الموتور أنه بهذه الترهات والقحة الزائدة ينال من أهل الإسلام ويشفي غيظه.. وهيهات {وما كيد الكافرين إلا في ضلال} غافر (25).
وهل حط قدر البدر عند طلوعه ** إذا ما كلاب أنكرته فهرت

وما إن يضر البحر إن قام أحمق ** على شطه يرمي إليه بصخرة

وما أحرى ذلك المأفون بقول الشاعر:
ألا أيها الغمر الذي غره الكبر ** ترديت من عال وناسبك القعر

تفكر طويلًا يا جهولًا ترادفت ** عليه المخازي فهي في متنه أسر

نبذت نفيس الدر واخترت ضده ** ومن يكره الياقوت يعجبه البعر

فأصبحت مصبوبًا عليك شتائم ** كما كان مشبوبًا على قلبك الجمر

ظننت خداع الله في الدين هينًا ** ولن يخرج الله الذي كنه الصدر

فجئت بأقوال النفاق مخادعًا فقد ** بان ما تخفيه وانهتك الستر

تحارب دين الله يا شر ملحد ** وتلصق آراء به ما لها قدر

وتسلك في أمر النسا شر مسلك ** إباحية صلعاء ليس لها ستر

ألا يا نصير الكفر ويلك فاتئد ** ولا تنطح الصفوان يدمغك الصخر

لقد ضل من أغراك بالسب ** والهجا كما زل من أغواك نيته المكر

أتحسب أن الدين سهلًا أساسه ** ستنزله أقوالك الجور والفجر

أتحسب أن الدين تخفى ضياءه ** عجاجتك الهوجا وآثارها الكدر

أتحسب أن الناس قد غاب ** عنهم مقاصدك السوءى وأفعالك المر

فما أنت في دعواك إلا منافق ** كأصحابك النوكى وهم في الورى كثر

فأنتم فساد الناس في كل أمة ** وجرثومة يضنى بها الجسم والفكر

لحى الله قومًا صانعوك ** غباوة لأهواء نفس نالها الخوف والذعر

فلا تجعل العدوان للدين راحة ** فبعدًا وسحقًا عاقك العسر والخسر

فإنك لن تشفى من الغيظ والبلا ** بلى إن هذا الوحر يلهبه الوحر

فمهلًا قليلًا إنك اليوم غافل ** ستندم في الدنيا ومن بعدها القبر

ومن بعد ذا يوم عسير حسابه ** به يعلم الإنسان ما أثمر العمر

وكل بذي الأيام يلقى جزاءه ** فليس بها هضم لحق ولا جور

.اعرف عدوك:

يتحلى أغلب أعداء الحجاب بخاصية الجهل المركب فهم ليسوا فقط جُهالًا بل يجهلون أيضًا أنهم جُهال... وقديمًا قالوا عدو عاقل خير من صديق جاهل فإذا اجتمعت في شخص العداوة مع الجهل ترى كيف يكون حاله وماذا يكون مقاله؟
نورد فيما يلي ما كتبته الطبيبة النفسية والكاتبة نوال السعداوي تحت عنوان: ليس هناك نص أتحدى:
إن ما هو طبيعي وما هو إنساني أن تعامل المرأة كعقل وجسد وتتعامل مع الآخرين من هذا المنطلق أنا ضد أن نحكم على المرأة بالزي فحجاب المرأة ونقابها ما هو إلا اختزال لإنسانيتها وأنا ضده بالذات حين يكون باسم الدين، والذين ينادون بأن تتحجب المرأة لم يفهموا المرأة المسلمة ولم يدرسوا أحاديث الرسول ولم يقرأوا القرآن قراءة صحيحة ولم يطلعوا على التاريخ بل أخذوا أشياء دخيلة على الإسلام الحقيقي وعلى الحضارة المصرية والعربية الحقيقية، فأنا لي خمسة وعشرون عامًا أدرس الدين الإسلامي وأقارن.. ولا توجد آية قرآنية واحدة تنص على تحجيب المرأة.. زوجات سيدنا محمد لم يكن محجبات وأتحدى أي شخص يقول بأن السيدة خديجة مثلًا- كانت محجبة أو أن سيدنا محمد فرضه عليها والحجاب تاريخيًا بدأ في الدين اليهودي الذي يرى أن حواء ترمز إلى الخطيئة الأولى وما هي إلا جسد فقط على عكس آدم الذي يرمز للعقل لذلك يجب أن تشعر بطبيعتها الناقصة وتغطي رأسها خجلًا وعارًا. اهـ.

.شيوخ في المعركة:

إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية. عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
طال الأمد على المسلمين وتم تحريف تصوراتهم بتأثير هذه الهجمات واعتادت قلوبهم وعيونهم رؤية المنكر فلا يحركون ساكنًا ولا يتمعر لأكثرهم وجه غضبًا الله تعالى وتضاعفت المحنة حينما وقع بعض الشيوخ أسرى للغزو الفكري المسموم فراحوا يرددون دعاوى انهزامية لا تليق أن تصدر من أفواه ورثة النبي صلى الله عليه وسلم وأدلوا بدلوهم في فتنة تحرير المرأة عن طريق السخرية والتهكم أحيانًا وعن طريق دعاوى علمية زائفة أحيانًا أخرى منهم من يحمل المنقبة على خلع النقاب وينفرها منه.
وهؤلاء جميعًا يهرفون بما لا يعرفون يثبطون ولا يثبتون وكان الأحرى بهم إذ قصرت هممهم عن همم هؤلاء الفتيات المؤمنات الصابرات على دينهن القابضات على الجمر- أن يتمثلوا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة رضي الله عنه: «زادك الله حرصًا» أي على الخير وقد مضت السنة أن من رأى شخصًا على عمل صالح فليثبته عليه فعن ابن عباس- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح وعنه رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفه أسامة فاستسقى فأتيناه بإناء من نبيذ فشرب وسقى فضله أسامة وقال: أحسنتم كذا فاصنعوا.
نعم كان الأولى بهم أن يحفظوا قوله صلى الله عليه وسلم لجابر بن سليم الهجيمي- رضي الله عنه-: اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئًا وليتهم قلدوا العلماء الذين يبيحون كشف الوجه ورغبوا في النقاب باعتباره فضلًا لا فرضًا ولكن هؤلاء ادَّعوا أن الانتقاب بدعة لا فرض ولا فضل واستباحوا السخرية والتهكم من المنقبات وهذا ما لم يسبقهم إليه عالم.
ومن تناقضاتهم أنهم يعيبون دعوة قاسم أمين وينددون بها وبالويلات التي جرتها على الأمة ثم هم يفكرون بعقلية قاسم أمين.
ألا إن كل من يدعو المرأة إلى كشف وجهها وإلى الخروج للعمل والمشاركة في الحياة العامة مخالطة للرجال إنما هو قاسم أمين جديد مهما كان اسمه بلا فرق بين الأصل والصورة في هذه الدعوة الأثيمة فلا تحاربوا يا قوم قاسم أمين وأنتم من حيث لا تشعرون تدعون بدعوته.

.أخطاء أم خطايا؟

هذا وإن الذي يدفعنا إلى التنبيه على دور هؤلاء الشيوخ في المعركة أنهم جهروا بهذه الآراء ونشرت لهم على نطاق واسع خلال الصحف التي حرصت- خلال المعركة- على أن تخلط دائمًا ذهبنا بعملتها المزيفة لتتناولها الأيدي متسترة وراء هذه الأسماء.
ومما يبعث على الأسف أن العديد ممن تصدروا وترأسوا في هذا الزمان يدعون احترام الأئمة والعلماء- وقد ذابوا في تعظيم الأجانب- ثم هم يخرجون على الأمة بآراء انهزامية أمام افتتانهم بالحضارة الغربية العاتية وكأنهم يحملون تحت العمائم أدمغة أصحاب القبعات... ثم هم يفرضون هذا الفكر المنهزم على الدعوة الإسلامية الفتية الناهضة ويحكمون على مخالفيهم بما يحلو لهم من عقوبات ظالمة يستبيحون في سبيل تطبيقها حتى أساليب الأحزاب السياسية وبذلك يقفون غصة في حلق دعوة الحق ويقهرون العمل الإسلامي والإصلاح السلفي وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.

.إن هذا الأمر دين فانظروا عَمَّن تأخذون دينكم:

قال البخاري رحمه الله في أول كتاب الفرائض من صحيحه: قال عقبة بن عامر- رضي الله عنه-: تعلموا قبل الظانين قال البخاري: يعني الذين يتكلمون بالظن، وقال النووي رحمه الله تعالى: ومعناه: تعلموا العلم من أهله المحققين الورعين قبل ذهابهم ومجيء قوم يتكلمون في العلم بمثل نفوسهم وظنونهم التي ليس لها مستند شرعي. اهـ.
وقال الإمام العلامة أبو شامة رحمه الله:
وفي الحديث عن ثوبان- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.
قال الإمام الطرطوشي رحمه الله: وقد صرَّف عمر- رضي الله عنه- هذا المعنى تصريفًا فقال: ما خان أمين قط ولكن ائتمن غير أمين فخان قال: ونحن نقول: ما ابتدع عالم قط ولكنه استفتي من ليس بعالم فضل وأضل وكذلك فعل ربيعة، قال مالك رحمه الله تعالى: بكى ربيعة يومًا بكاءًا شديدًا فقيل له: أمصيبة نزلت بك؟ قال: لا ولكن استفتى من لا علم عنده وظهر في الإسلام أمر عظيم. اهـ.
شعر:
وكنا نستطب إذا مرضنا ** فصار هلاكنا بيد الطبيب

آخر:
بالملح يصلح ما يخشى تغيره ** فكيف بالملح إن حلت به الغير

آخر:
إلى الماء يسعى من يغص بلقمة ** إلى أين يسعى من يغص بماء

آخر:
فلو بغير الماء حلقي شرق ** كنت كالغصان بالماء اعتصاري

ونحمد الله عز وجل أن تكفل ببقاء طائفة أهل الحق من العلماء الربانيين الذين أضطلعوا بواجبهم وأنكروا على الخالفين المخالفين وألفوا كتبًا ورسائل وأصدروا فتاوى تفضح خطط المتآمرين على المرأة المسلمة وتدعوها إلى الحرية الحقيقية الممثلة في العبودية الكاملة لله رب العالمين وتوجب على المرأة قرارها في البيت ولزوم الانتقاب والحجاب الكامل عند خروجها للحاجة.